الأفضل دائماً موجود، وسعي الإنسان لحياة أفضل لم يتوقَّف، ولن يتوقَّف؛ بَدَأ مع أول إنسان، ومُستمر، وباقٍ حتّى آخر إنسان.

لكن، ما حياة الإنسان؟ وما أجزاؤها؟

وكيف يُمكن للإنسان أن يجعل حياته أفضل؟

الحياة مُحايدة كالدفتر الأبيض، له بداية, وله نهاية، وبداخله صفحات، وأسطر فارغة.

قيمة الدفتر وصفاته تعلو وتتدنّى وفقاً لجودة ما يُكتَب بداخله.

وقيمة حياة الإنسان وصفاتها تعلو و تتدنّى وفقاً لجودة العلاقات التي يُسطِّرُها في دفتر حياته.

فالحياة عِبارة عن فُسحَة من الزّمن، تُملأ بعلاقة الإنسان مع نفسه، وعلاقاته مع من حوله.

فالعلاقة جزء من حياة الإنسان؛ فإن أراد الإنسان حياة أفضل، فعليه أن يجعل علاقته مع نفسه، ومن حولِه أفضل.

ما العلاقة؟ وكيف يُمكن للإنسان تحسينها؟

العلاقة: هي حالة ارتباط بين طرفين، كالجسر الذي يربط بين ضفتين.

فالذي يجعل العلاقة تنشأ، هي حاجة كُل طرف من الطَّرف الآخر.

فلولا حاجة الطرفين للعُبور نحو الطَّرف الآخر، لَما نَشأ الجسر.

ولكي تستمر العلاقة بإعطاء ثمارها، تحتاج مِن أطراف العلاقة حلَّ مشاكلها.

لكن الإنسان يظنُّ أنَّ سبب المشكلة هو دائماً الطًّرف الآخر.

وحل المشكلة أيضاً بيد الطَّرف الآخر.

فَيبقى بحالة انتظار الحل الذي لن يأتي.

وتبدأ المشكلات بالاستعصاء بدلاً من الحل، وبالازدياد بدلاً من التَّناقُص.

فيبدأ الإنسان بالشعور بأنَّ حياته تتجه نحو الأسوأ، رُغم كل مساعيه لتوجيهها نحوَ الأفضل.

فَعِلمُ القَصَص يقول:

إن أراد الإنسان معرفة المكان الذي تَنبُع منه جميع مشكلاته، والمكان الذي تَنبُع منه جميع الحلول الحقيقية لتلك المشكلات، فلينظر إلى المرآة.

فهذا البرنامج يشرح الأسباب الحقيقية التي تَنبُع منها جميع مشكلات الإنسان، والحلول الحقيقية لتلك المشكلات، و أسباب استعصائها؛ من خلال شرح علاقة الإنسان بإنشاء مشكلته، وعلاقته بحلِّها.

حيث يُلفَت انتباه الإنسان إلى الحقائق المُختبئة في داخله، والحقائق المُختبئة حوله، ليفهم بنفسه لماذا حصلت معه تلك المشكلات؟ ولماذا استعصى عليه حلَّها؟

وحين يفهم الإنسان سبب المشكلة، يكون قد بَدأ أولى خطوات حلِّها.

أما الخطوة الثانية:

فهي إزالة سبب المشكلة.

لكنَّ الفخ الذي يقع فيه الإنسان، هو تخدير ألم المشكلة بدلاً من إزالة سببها.

ومع مرور الزمن، تَكبُر المشكلة، وتَقوى، وتتكاثر.

ويَكبُر معها ألمُها، ويَقوى، ويشتد.

فَلَم يَعُد يؤثِّر بها أيّ نوع من أنواع التَّخدير.

فَيَصِل الإنسان لاعتقاد أنَّ:  

"مشكلتي ليس لها حل"

فهل المشكلة هي التي ليس لها حل، أم أنَّ الإنسان يبحث عن الحل، وينتظره من المكان الخطأ؟

فالحل الحقيقي لمشاكل الإنسان مكانه ثابت, لا يتغيِّر.

فهو دائماً موجود في داخل الإنسان.

لكن الإنسان لا يراه من شِدَّة قُربِه إليه!

ففهم الإنسان لحقيقة ما بداخله، وحقيقة ما حوله، تُغنيه عن البحث عن دوائه الحقيقي بعيداً خارج نفسه؛ وتُغنيه عن انتظار ما لن يأتي.

حينها تتحوُّل مشاكله، من مُستعصية، ومُستحيلة الحل، إلى مشاكل طبيعية، وقابلة للحل.

حينها يتحوُّل الإنسان من مُنتَظِر ومُستَقبِل للحلول المزيفة، إلى مُنتِج للحلول الحقيقية.

حينها لم يَعُد بحاجة لشيء يُخدِّر ألم مشكلاته المُستَعصِية، لأنَّها تحوَّلت إلى مسائل محلولة، اُكتُسِبَت الخُبرات من حلِّها، وأصبح مُستعداً للمسائل الأصعب.

حينها تُصبح علاقته مع نفسه مُنسجمة، وعلاقاته مع من حوله مُتكاملة.

حينها يُصبِح الإنسان أكثر استحقاقاً لتلك الحياة الأفضل التي يسعى إليها.

فبرنامج "حقيقة الإنسان، و حقيقة الحياة" بمستوييه الأول و الثاني؛ ليس برنامجاً ترفيهياً لمن لديه الامكانيات الماديَّة فقط.

وليس برنامجاً تخصُّصياً يحتاجه البعض، ولا يحتاجه البعض الآخر.

بل هو برنامج صُمِّم مُحتواه ليُلبّي حاجة كل إنسان بكل مكان وزمان.